أحمد خالد طناش
بَاكٍ أَنِينَ اليَمِّ في جَريَانِهِ
أَلْقِيهِ لا تَبْكي وضُمِّي خَوْفَهُ
أَلقِيهِ في اليَمِّ الجَريحِ فإنَّهُ
وَلْيُلْقِهِ التَابُوتُ دُونَ سَفِينَةٍ
حتَّى إذا خَرقَ السَّفينةَ فَاسْتَطِعْ
قَدْ كانَ يَعْلَمُ أَهْلُهَا مِمَّا خَفَى
وَارْكُضْ بِرجْلِكَ إِذْ بَلَغْتَ فَنِلْتَهُ
قُصِّيهِ يا أُخْتَ الرَّضيعِ وأبلغي
يَا أمَّهُ الثَكلى أَريقي شوقهُ
وخُذيهِ من بينِ الدُّموعِ مُودِّعًا
واسْقِيهِ إِيمانًا يَفيضُ مَحَبَةً
والقَلْبُ يَسْتَوفي رَبَاطَةَ جَأْشِهِ
خَوْفَانِ في قَلْبٍ تعالى نَبْضُهُ
مَدَّت لهُ الأيامُ أبيضَ كَفِّهَا
يُخْفِى من التَّمْرِ الحلاوةَ رَيْثَما
سَاعٍ بكفِّيهِ الذي في قلبِهِ
فَتَطاوَلتْ خُطواتهُ في غفلةٍ
يُخفي ويُبدي حَيْرَةً من خَوفِهِ
وهُناكَ حيث شهدتَ لا تسألْ فَما
فَاخْرُج على قَلَقِ المَّدينةِ مُوقِنًا
وهُناكَ إذْ يَغفو هًناكَ وقَلبُهُ
مَا ازدَادَ إلاَّ لليقينِ تَوجُّهًا
فاقْتَاتَ زُهْدًا من سحابةِ مَدينٍ
وكأنَّما قد طافَ شوقًا حِينَها
ما ذَا الجدارُ إذا تَعاظَمَ بُؤسهُ
يَمضي وبُعْدُ النَّار مَحْضُ سؤالِهِ
أَلْقِ التي قَبَضَتْ يَمينُكَ ضَعْفَهَا
وَاضممْ لجَيبكَ قَدْرَ كَفِّكَ آيةً
وَاذْهبْ فَسؤْلُكَ قَدْ حللنَا عُقدةً
ما ضَرَّ ذُو الأوتادِ ذاتَ حقيقةٍ
ما ذنبُ جذعِ النخلِ يُصلَبُ فوقَهُ
وأنا الَّذي أرهقتُ قلبي فاستوى
وطَرقْتُ نحو الطُّورِ خطوةَ عاشقٍ
فخَلعْتُ نَعلَّيَ امتثالاً ريثما
صَلَّيْتُ فوقَ الغَيمَ حتَّى أرتقي
آتٍ على وجهي ملامحُ ناسكٍ
نَاجٍ من الطوفانِ عِطْري أينما
فَأهيمُ مع أرقي أعودُ مُعانِقًا
واليومَ مثلُ الأمسِ يَكْتِمُ دَمعهُ
كَفَّنْتُ قلبي زَاهِدًا في سِرِّهِ
أَلْقِيهِ في التَابُوتِ مَعْ إِيمَانِهِ
فَالمَوْجُ لا يَعْصِي رُقَى رُبَّانِهِ
مَاضٍ لعَوْدَتِهِ إلى سُلْطَانِهِ
نَاسٍ يَقُدُّ الصَّبْرَ من نِسيانِهِ
صَبْرًا على ما كانَ من إتيانِهِ
غَمُضَتْ عَليكَ أَلا اسْتَمِعْ لبِيانِهِ
مَا ضَلَّ بَدرٌ عَنْ جَنَى لمعانِهِ
إِذْ لا يموتُ الوَردُ في بِستانِهِ
فالوعدُ وعدُ الله مع برهانِهِ
بَطْشَ الَّذي قَد مَاتَ مُذْ طُغيانِهِ
فَالبَحْرُ يُغْدِقُ مِنْ خَفيِّ جُمانِهِ
إِذْ كانَ يُذْكِي النَّارَ في بُركانِهِ
مُذْ غَابَ حتَّى عَادَ مع أخوانِهِ
عطفًا عليهِ فكانَ خيرَ زمانِهِ
أَحْنى لهيبَ الجَمْرِ فوقَ لسانِهِ
وعدٌ تَرَعْرَعَ في رُبى إحْسَانِهِ
ذَاتَ اشْتعالٍ حارَ في كتمانِهِ
مُسْتغفرًا ما كانَ من عِصيانِهِ
قَتَلَ الغُلامَ سوى هوى شيطانِهِ
أَنْ كُلُّ ذَنبٍ غِيضَ مع غُفرانِهِ
مِن دُونِهمْ يُكْوى على أشجانِهِ
جَمْرًا يَحِنُّ إلى خُشوع دخانِهِ
وأَتَمَّ عَشرًا بعد نيلِ ثمانِهِ
فالشمعُ يَروي النَّارَ في ذوبانِهِ
إلا كَسُقْيَا البئرِ في توهانِهِ
يا ذا الَّذي في الوادِ قَدْرَ رِهانِهِ
تَسعى إلى ما كانَ من بُهتانِهِ
أُخرى تَهزُّ العَرشَ من أَركانِهِ
ولَكُلُّ أَمْرٍ سارَ طوعَ بنانِهِ
أَنْ يَسْتَجيبَ فَحُطَّ مع أعوانِهِ
إيمانُ من يسعى لجِذْعِ أَمانِهِ
أسفي على قلبي، على سجَّانِهِ
وتَركتُ ظِلِّي في ارتعاش هوانِهِ
أسرفتُ روحي في حدودِ مكانِهِ
وأدرتُ كَفِّي حيثُما دورانِهِ
ولجَ القلوبَ على صَدى خفقانِهِ
وجَّهتُ قَصدي غِبتُ مع فقدانِهِ
طَيًّا من الأحلامِ في أحضانِهِ
إذ يستحيلُ إلى يدي فَكفَانِهِ
ونَثَرْتُني عِطْرًا على أَكفانِهِ
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط ،
ويحتفظ موقع 'ألوان للثقافة والفنون' بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أو خروجا عن الموضوع المطروح ، علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .